كانَ بَعْضُ التَّلاميذ يَلْعَبُونَ الْكُرَةَ، فَقَذَفَهَا أَحَدُهُمْ، فَوَقَعَتْ بِالْقُرْبِ مِنْ كَلْبٍ شَرِسِ، مَرْبوطٍ في شجرَةِ، فَخَافَ التَّلاميذُ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُرِبَ مِنَ الْكَلْب حَتّى لا يَعُضَّهُ. وَبَعْدَ بُرْهَةِ قالَ أَحَدُهُمْ: سَأُحْضِرُ لَكُمُ الْكُرَةَ ... قالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: وَكَيْفَ ذلكَ، وَنَحْنُ لا نَأْمَنُ عَلَيْكَ مِنْ شَرِّ الْكَلْبِ؟!
فَقَالَ لَهُمْ: سَتَرونَ ما أَفْعَلُهُ، وَتَقَدَّمَ نَحْوَ الْكَلْب، وَجَرَى أَمَامَهُ دائرًا حَوْلَ الشَّجَرَةِ، وَكُلَّمَا دارَ الْوَلَدُ دارَ الْكَلْبُ وَرَاءَهُ لِيَلْحَقَ بِهِ، وَفي كُلِّ دَوْرَةٍ كانَ يَلْتَفُّ جُزْءٌ مِنَ الْحَبْلِ حَوْلَ النَّخْلَةِ حَتَّى قَصُرَ الْحَبْلُ، وَوَقَفَ الْكَلْبُ مَكانَهُ مَغْلُولاً في جانِب مِنَ الشَّجَرَةِ، فَأَخَذَ التِّلْميذُ الْكُرَةَ، وَعادَ إِلى زُمَلائِهِ ضاحِكًا، وَهُمْ يَعْجُبُونَ مِنْ ذَكَائِهِ وَحُسْنِ تَصَرُّفِهِ في حَلِّ الْمُشْكِلاتِ
كانَ والِدٌ هَرِمٌ يَجْلِسُ إِلى الْمائِدَةِ مَعَ ابْنِهِ وَكَنَّتِهِ وَوَلَدِهِما الصَّغيرِ، وَكانَتِ الْكَنَّةُ تُعامِلُهُ مُعامَلَةً شَرِسَةً، وَلا تَحْتَرِمُ شَيْخوخَتَهُ، وَهُوَ يَغُضُّ الطَّرْفَ عَنْها بِحِلْمٍ وَصَبْرٍ، غَيْرَ مُبالٍ بِما تَقولُ وَتَفْعَلُ، وَالْكَنَّةُ تَزْدادُ شَراسَةً وَوَقاحَةً.
حَدَثَ ذاتَ يَوْمٍ أَنْ سَقَطَ الصَّحْنُ مِنْ يَدَيْهِ الْمُرْتَجِفَتَيْنِ، فَتَحَطَّمَ وَوَسَّخَ سِتارَ الْمائِدَةِ. فَعَلا صُراحُ الْكَنَّةِ الْحَمْقاءِ بِصورَةٍ مُخْجلَةٍ، وَأَجْبَرَتْ زَوْجَها عَلى أَنْ يَصْنَعَ لأبيهِ صَحْنًا خَشَبيًّا، لِيأْكُلَ مِنْهُ مُنْفَرٍدًا في الزّاوِيَةِ، وَهكَذا حُرِمَ ذِلِكَ الْهَرِمُ الْمِسْكينُ اللَّذَّةَ الَّتي كانَ يَتَمَتَّعُ بِها في الأكْلِ مَعَ وَلَدِهِ الْوَحيدِ وَحَفيدِهِ الْحَبيب، فَانْكَسَرَ قَلْبُهُ، وَاحْتَمَلَ هذِهِ الإهانَةَ بِصَبْرٍ.
دَخَلَ الزَّوْجانِ يَوْمًا غُرْفَةَ الطّعامِ، فَوَجَدا طِفْلَهُما يُعالِجُ قِطَعًا خَشَبِيَّةً بِقَدَومٍ وَمِطْرَقَةٍ، فَسَأَلَتْهُ أُمُّهُ: ماذا تَصْنَعُ هُنا يا حَبيبي؟ فَأجابَ الْوَلَدُ بِهُدوءٍ: أَصْنَعُ صَحْنًا خَشَبيًّا لَكِ وَآخَرَ لِوالِدي، لِيَضَعَ كُلٌّ مِنْكُما طَعامَهُ فيهِ، عِنْدَما تُصْبِحانِ هَرِمَیْنِ كَجَدّي.
تَأثّْرَ الْوالِدانِ، وَنَدِما عَلى ما كانَ مِنْهُما، وَطَلَبا الْعَفْوَ مِنَ الْهَرِمِ الْجَليلِ، وَأَعاداهُ بإجلال إلى مَكانَتِهِ الأولى، فَبَقِيَ مُعَزَّزًا مُحْتَرَمًا حَتى أَيّامِهِ الأخيرَةِ.
خَرَجَ دِيكٌ يَبْحَثُ عَنْ قُوتِهِ في الْمَزَارِعِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْقَرْيَةِ. رَآهُ ثَعْلَبٌ فَأقْبَلَ عَلَيْهِ، فَصَعِدَ الدّيكُ إِلى أَعْلَى الشَّجَرَةِ. فَقَالَ الثَّعْلَبُ: أَيُّهَا الدِّيكُ، صَوْتُكَ حَسَنْ! وَأَنا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَانْزِلْ لأَسْمَعَ صِيَاحَكَ، وَأَتَحَدَّثَ مَعَكَ. قَالَ الدِّيكُ: إنَّكَ ثَعْلَبٌ خَدَّاعٌ، وَأَنَا لا آمنُكَ. قَالَ الثَّعْلَبُ: أَلَمْ تَسْمَعْ بِالْقَانُونِ الْجَديدِ؟ لَقَدْ سَنَّ الأَسَدُ قَانُونًا يُزيلُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ كُلِّهَا، فَالذّئْبُ يُصَاحِبُ النَّعْجَةَ، وَالْقِطُّ يَلْعَبُ مَعَ الْفَأْرَةِ، وَالثَّعْلَبُ يُحَادِثُ الدَّجَاجَةَ. قَالَ الدِّيكُ: "الْحَمْدُ للهِ، قَدْ زَالَ الْخَوْفُ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تُلاقِيَ هِذِهِ الْكِلابَ الْمُقْبِلَةَ مِنْ بَعِيدٍ فَتَلْعَبَ مَعَهَا." فَخَافَ الثَّعْلَبُ وَأَخَذَ يَجْرِي. قَالَ الدِّيكُ: لِمَاذَا تَخَافُ الْكِلابَ، وَالْقَانُونُ الْجَديدُ يَضْمَنُ لَكَ السَّلامَةَ؟ قَالَ الثَّعْلَبُ: أَحْشَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ الْكِلابُ لَمْ تَقْرَأ الْقَانُونَ الْحَديدَ.
كَانَ الخَليفَةُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب مَارًّا ذَاتَ لَيْلَةٍ في المَدِينَةِ، يَتَفَقَّدُ أَحْوَالَ النَّاسِ، فَرَأَى امْرَأَةً عَجُوزًا، تُشْعِلُ نَارًا تَحْتَ قِدْرِ، وَحَوْلَهَا أَطْفَالٌ يَبْكُونَ وَيَصْرُخُونَ. سَأَلَهَا الَخَلِيفَةُ عَنْ حَالِهَا وَعَنْ سَبَبِ بُكَاءِ الأَطْفَالِ فَقَالَتْ: "إِنَّهُمْ يَبْكُونَ مِنَ الجُوعِ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا". فَقَالَ لهَا: "وَمَا الّذِي في هذِهِ القِدْرِ؟" قَالَتْ: "فِيهَا مَاءٌ أُسْكِتُهُمْ بِهِ، وَأُوهِمُهُمْ أَنِّي أَطْبُخُ لَهُمْ طَعَامًا حَتَّى يَنَامُوا". رَقَّ قَلْبُ الخَلِيفَةِ، وَذَهَبَ في الحَالِ إِلى بَيْتِهِ، وَأَحْضَرَ كِيسًا مِنَ الطَّحِين حَمَلَهُ بِنَفْسِهِ، وَرَجَعَ إلى المرَّأةِ. ثُمَّ جَلَسَ، فَوَضَعَ مِقْدَارًا مِنَ الطَّحِينِ وَقَليلاً مِنَ السَّمْنِ، وَجَعَلَ يُحَرِّكُهُمَا وَيَنْفُخُ في النّارِ.
كَانَ الأَوْلاَدُ في تِلْكَ الأَثْنَاءِ يَصْرُخُونَ، فَلَمَّا نَضِجَ الطَّعَامُ، صبَّهُ الخَلِيفَةُ في إِنَاءٍِ، ثُمَّ أَجْلَسَ الأَوْلادَ حَوْلَهُ، وَأَخَذَ يُلْقِمُهُمْ حَتَّى شَبِعُوا. فَلَمَّا شَبِعُوا قَامُوا يَضْحَكُونَ وَيَلعَبوُنَ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِمُ النَّوْمُ فَنَمُوا.
وَبَعْدَ ذَلِكَ وَدَّعَ الخَلِيفَةُ المرْأَةَ، وَانْصَرَفَ إِلى بَيْتِهِ، وَجَعَلَ لَها وَلأَوْلادِهَا مَعَاشًا كُلَّ شَهْرٍ.
تَعَرَّضَ عَلَاءٌ لِحَادِثٍ مُرُورِيٍّ مُحْزِنٍ، وَذَلكَ عِنْدَما كَانَ عَائِدًا مِنْ مَدْرَسَتِهِ إِلى بَيْتِهِ ظُهْرًا، وَكَانَ الشَّارِعُ خَالِيًا مِنَ المَارَّةِ. رَأَى عَلَاءٌ فَجْأَةً سَيَّارَةً مُسرِعَةً نَحْوَهُ كَالصَّاروخِ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ بَعْدَ ذَلكَ فَقَدْ غابَ عَن الوَعْي، بَعْدَ أَنْ صَدَمَتْهُ السَّيَّارَةُ.
اِسْتَدْعَى سائِقُ السَّيَّارَةِ الإِسْعافَ وشاءَ اللّهُ أَنْ تُكْتَبَ لعَلَاءٍ حَياةٌ جَدِيدَةٌ، غَيْرَ أَنَّ نتائجَ الْحادِثِ كَانَتْ مُؤْلِمَةً، فَقَدْ أَصِيبَ عَلَاءٌ فِي قَدَمَيْهِ إصابةً شَدِيدَةً حَالَتْ بَيْنَهُ وَبيْنَ المَشْي.
حَزِنَ زُمَلاءُ عَلَاءٍ وَأَساتذَتُهُ، وَتَأَثّرُوا بِمَا أَصَابَهُ.
أَمَّا عَلَاءٌ بَعْدَ الْحَادِثِ، فَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ وَسِيلَةٌ يَصِلُ بِهَا إِلى مَدْرَسَتِهِ، فَقَدْ كَانَ بِحَاجَةٍ إِلى عَرَبَةٍ، وَلَكِنَّ أَحوَالَ أَبِيِهِ المَادِيَّةَ لَا تَسْمَحُ لَهُ بِشِراءٍ تِلْكَ العَربَةِ.
عَقَدَ زُمَلاؤُهُ اجْتِمَاعًا، نَاقَشُوا فِيهِ وَضْعَ عَلَاءٍ، واتَّفَقُوا عَلَى شَرَاءٍ عَرَبَةٍ لَهُ، وَتَبَرَّعَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَجَمَعُوا النُّقُودَ، وَاشْتَرَوْا لَهُ الْعَرَبَةَ، وَحَمَلُوهَا إِلى بَيْتِهِ.
ما إِنْ رَأى عَلاءٌ زُمَلَاءَهُ وَاقِفِينَ أَمَامَ العَرَبَةِ، حَتَّى فَاضَتِ الدُّمُوعُ مِنْ عَيْنَيْهِ، دُمُوعُ الشُّكْرِ وَالْأَمَلِ. وَفي صَبَاحِ اليَومِ التَّالي، كَانَ عَلَاءٌ يقودُ عَرَبَتَهُ في أَرْجاءِ الْمَدْرَسَةِ الْواسِعَةِ.
هَذا هُوَ الطَّريقُ إلَى النَّهْرِ ، يَدورُ مُنْحَدِرًا فِي سَفْحِ الْجَبَلِ، ثُمَّ يَدورُ فَيَدورُ فَلا تَرَى غَيْرَ الْقَليلِ مِنْهُ أَمامَكَ. أَمَّا فِي السَّطْحِ الآخَرِ السَّحيقِ، فَالطَّريقُ يَبْدو لِناظِرِكَ بِكامِلهِ، وَهُوَ يَنْسابُ كَالْحَيَّةِ الرَّقْشاءِ بَيْنَ الأَدْغالِ الْخَضْراءِ
الصَّفْراءِ، وَالصُّخورِ الدَّكْناءِ السَّوْداءِ، صاعِدًا مُتَلَوّيًا، مِنْ ضِفَّةِ النَّهْرِ إلَى الْخُرْجِ الذِّي يُظَلِّلُ الْجِهَةَ الْمُقاِلَةَ مِنَ الْجَبَلِ ... مَشَيْتُ ساعَةً فِي ذَلِكَ الطَريقِ الْمُنْحَدِرِ الْمُلْتَوي، وَكُنْتُ كَمَنْ لا يَعْرِفُ هَمَّا مِنْ هُمومِ الدُّنيا، وَكَالْمُتَنَزِّهِ الْمَسْحورِ، بَلْ الْمُتَعِبِّدِ الْمَحْبورِ، فَنَسيتُ الْمَسافاتِ وَالْوُعورَ، وَنَسيتُ الْمَهاويَ وَالصُّخورَ الْمُتَعَلِّقَةَ. أَجَلْ، لَقَدْ سُحِرْتُ بما شاهَدْتُ، وَما أَدْرَكْتُ أَنِي مَسْحورٌ إلا عِنْدَما انْهارَتِ الأَرْضُ تَحْتَ قَدَمَيَّ، فَرُحْتُ مُتَزَحْلِقًا، ثُمَّ سابِحًا عَلى ظَهْري بِضْعَةَ أَمْتارٍ. فَأَنْقَذَتْنِي شُجَيْرَةٌ مِنَ السدر تَشَبَّثْتُ بِها، وَعُدْتُ أَدُبُّ إلَى الطَّريقِ سالِمًا وَالْحَمْدُ للهِ ... وَسَدَّدْتُ خُطُواتِي بِشَيْءٍ مِنَ الإسْراعِ، وَعَيْنايَ كَنورَيِ السَّيَّارَةِ لا تَحيدانِ عَنِ الطَّريقِ أَمامي، إلَى أَنْ بَلَغْتُ قَعْرَ الْوادي، فَجَلَسْتُ عَلى صَخْرَةٍ، أَتَأَمَّلُ مَدارِجَ الْجَبَلِ الذِّي هَبَطْتُ مِنْهُ، وَأَحْمَدُ الله عَلى السَّلامَة ...
في قَديِمِ الزَّمانِ، عاشَ مَلِكٌ غَريبُ الطِّباعِ، يَظْلِمُ أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ، وَيَسْلُبُهُمْ أَمْوالَهُمْ،
وَيَغْصِبُهُمْ مَحاصِيلَهُمْ، فَأَنْهَكَهُمُ الْفَقْرُ وَالْجوعُ.
ذاتَ يَوْم كانَتِ الْمَلِكَةُ تُحادِثُ الْمَلِكَ، فَسَمِعَتْ أَصْواتًا تَسْتَغيثُ، أَطَلَّتْ مِنْ
نافِذَةِ الْقَصْرِ، فرأَتْ عَلَى بابِهِ ناسًا كَثيرين، أَجْسامهُمْ هَزِيلَة، وَوُجوههُمْ شاحِبَة،
شاهَدَ الْجائِعونَ الْمَلِكَةَ، فَأَخَذوا يَصْرُخونَ:
نُريدُ أَنْ نَأْكُلَ.
نُريدُ طَعامًا.
أَشْبِعونا يَوْمًا واحِدًا.
إِنَّنا جائِعونَ.
إِنَّنا جائِعونَ.
رَجَعَتِ الْمَلِكَةُ إِلَى زَوْجِها، وَقالَتْ حَزينَةً:
إِنَّني لأَرْحَمُ هؤلاءِ.
لا يَسْتَحِقّونَ الرَّحْمَةَ.
أَعْطِهِمْ بَعْضَ ما جنوْهُ بِعَرَقِهِمْ.
لن أُعْطِيَهُمْ شَيْئًا.
سَیَهْلَكونَ جُوعًا!
لَقَدْ أَجَعْتُهُمْ عَمْدًا.
لِماذا؟!
قالَ الْمَلِكُ: "جَوِّعْ كلبَكَ يَتْبَعُكَ."
قالتِ الْمَلِكَةُ: "جَوِّع كلبَكَ يَأْكُلُكُ."
ضَحِكَ الْمَلِكُ كَثيرًا، حَتَّى اِرْتَجَّ بَطْنُهُ الْمَنْفوخُ ...
قالَتِ الملكةُ:
أَتَضْحَكُ والنّاسُ يَتَأَلَّمونَ؟!
شَمَخَ الْمَلِكُ بِأَنْفِهِ، وَصاحَ بِجُنْدِهِ:
أُطْرُدوا الْكِلابَ عَنْ بابِ الْقَصْرِ.
تَراكَضَ النّاسُ مُسْرِعِينَ، وَالْجُنودُ يَضْرِبونَهُمْ بالسِّياطِ، صَبَرَ الْجائِعونَ طَويلاً،
افْتَرَسَ الْجُوعُ كَثيرًا مِنْهُمْ.
ماتَ أَطْفالُهُمْ عَلَى أَيْديهِمْ، وَهُمْ يَطْلُبونَ الطَّعامَ، نَفَدَ صَبْرُهُمْ، اِضْطَرَمَتْ
نفُوسُهُمْ غَضَبًا. ِاقْتَحَموا الْقَصْرَ، وَقَتَلوا الْمَلِكَ. فَتَحوا مَخازِنَهُ، وَجَدوها مَلأى
بحُبوبٍ، قَضَوْا أَعْمارَهُمْ في جَمْعِها. حَمَلوا مِنْها ما اسْتَطاعوا، وَعادوا إِلَى بُيُوتِهِمْ
فـرِحينَ.
نَظَرَتِ الْمَلِكَةُ إِلَى زَوْجِها الْقَتيلِ، وَقالَتْ:
نَصَحْتُكَ كَثيرًا، وَما أَصْغَيْتَ!
وَسالَ مِنْ عَيْنَيْها، دَمْعَتانِ حارَّتانِ ..